الخميس والثلاثاء الأسودان .. وبداية الكساد الكبير

الخميس والثلاثاء الأسودان .. وبداية الكساد الكبير
في  شهر أكتوبر لعام 1929م بدأت سوق الأسهم الأمريكية في الإنهيار وبدأت حالة من الذعر تنتاب مستثمري وول استريت، لم يكن الأمر بالهين أو المؤقت على الإطلاق؛ فكان الأمر هو بداية لواحدة من أطول الأزمات الإقتصادية في القرن العشرين التي بدأت من عام 1929 واستمرت حتي عام 1939م.

في السنوات التي تلت عام 1929م، بدأ الإنفاق الإستثماري والإستهلاكي في الإنخفاض، الذي بدوره أدي إلي انخفاض شديد في الإنتاج الصناعي، وبدأت معدلات البطالة ترتفع بشكل شديد.مع بدايات عام 1933 كان عدد العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة الأمريكية وصل إلي ما يقرب من 15 مليون عاطل، وكان ما يقرب من نصف البنوك أفلست بالفعل رغم المجهودات التي قام بها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الوقت إلا أنها لم تفلح بالكامل للتخفيف التام من حدة هذا الكساد العظيم حتي أتي عام 1939م وبدأت أبواق الحرب العالمية الثانية في العلو مما أدي إلي جعل الإقتصاد الأمريكي في حالة تأهب قصوي لتلبية المتطلبات لتلك الحرب البشعة.



عندما بدأ الإقتصاد الأمريكي في الركود، وانتشرت وتراكمت السلع الغير مباعة مما أدي إلي تباطؤ الإنتاج بصورة كبيرة وارتفاع أسعار الأسهم بصورة كبيرة، حتي أتي يوم الخميس الأسود الذي بدأت فيه انفجار سوق الأسهم وتم تداول 12.9 مليون سهم ثم تلاه الثلاثاء الأسود الذي تم التداول فيه 16 مليون سهمًا، مما أدي إلي وجود ملايين من الأسهم لا قيمة لها، تلي الأمر فقد الثقة بصورة كبيرة من المستهلكين في أعقاب انهيار سوق الأوراق المالية، والتباطؤ في الإنفاق، واضطر الكثير من الأمريكين إلي الإقتراض والوقوع في فخ الديون، وازداد بصورة كبيرة حبس الرهن وارتفع الحجز على الممتلكات بشكل مطرد وواسع جدًا، وساعد انتشار الكساد في الولايات المتحدة انتشاره في باقي دول العالم وخاصة دول اوروبا.

ازدادت بكل تأكيد الأمور سوءًا حيث بحلول عام 1931م كان قد انخفض الإنتاج الصناعي إلي النصف، انتشرت طوابير للحصول على الخبز، وانتشر بشكل واسع مطابخ الحساء في المدن الأمريكية المختلفة، وازداد أعداد المشردين بصورة كبيرة جدًا، وترك المزارعين محاصيلهم لتتعفن لعدم مقدرتهم على جنيها وتحصيلها رغم وجود مجاعات في مناطق أخري من الدولة.

عندما فاز الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت بالإنتخابات الامريكية، قام بإجراءات فورية لمعالجة المشكلات الإقتصادية للبلاد؛ أعطي أربعة أيام عطلة للبنوك وتمكن الكونغرس من تمرير بعد التشريعات للعمل على الإصلاح الإقتصادي، كما بدأ بمخاطبة الجماهير الأمريكية عبر الراديو للعمل على بث الثقة مرة أخري بالمواطنين ونشر حالة تفاؤل عام للنهوض بالإقتصاد، تمكن روزفلت بتحقيق الإستقرار في النشاط الإقتصادي والزراعي، وخلق فرص عمل، كما عمل علي إصلاح المنظومة المالية، وأسس مؤسسة للتأمين على الودائع الإتحادية وذلك لحفظ وحماية حسابات المودعين.
ومن بين العديد من البرامج والمؤسسات التي تحفزت لتحسين الإقتصاد والمساعدة في الخروج من الكساد الإقتصادي، كانت سلطة وادي تينيسي  التي بنيت السدود ومشاريع لتوليد الطاقة الكهرومائية، وتوفير الطاقة الكهربية للمناطق الفقيرة في الجنوب، واستمرت الحل بين حدوث انتعاش للإقتصاد وحدوث ركود مرة ثانية هكذا حتي عام 1939م مع ظهور أدولف هتلر والفكر النازي في ألمانيا والتي كانت بوادر للحرب العالمية الثانية، وهكذا كان الكساد الإقتصادي نتيجة من الحرب العالمية الأولي وانتهي بسبب الحرب العالمية الثانية.

المصدر